ثم إلى سنته الغراء يحيطون بأقوالها وأفعالها وأحوالها وتقريراتها
بل كانوا يتفننون في البحث عن هديه وخبره والوقوف على صفته وشكله كما تجد ذلك واضحا من سؤال الحسن والحسين عن حلية رسول الله وما أجيبا به من تجلية تلك الصور المحمدية الرائعة ورسمها بريشة المصور الماهر والصناع القادر على يد أبيهما علي بن أبي طالب وخالهما هند بن أبي هالة رضي الله عنهم أجمعين
العامل الخامس
بلاغة القرآن الكريم إلى حد فاق كل بيان وأخرس كل لسان وأسكت كل معارض ومكابر وهدم كل مجادل ومهاتر حتى قام ولا يزال يقوم في فم الدنيا معجزة من الله لحبيبه وآية من الحق لتأييد رسوله
وبعد كلام الله في إعجازه وبلاغته كلام محمد في إشراقه وديباجته وبراعته وجزالة ألفاظه وسمو معانيه وهدايته
فقد كان أفصح الناس وأبلغ الناس وكان العرب إلى جانب ذلك مأخوذين بكل فصيح بليغ متنافسين في حفظ أجود المنظوم والمنثور
فمن هنا هبوا هبة واحدة يحفظون القرآن ويفهمون القرآن ويعملون بالقرآن وينامون ويستيقظون على القرآن
وكذلك السنة النبوية كانت عنايتهم بحفظها والعمل بها تلي عنايتهم بالقرآن الكريم يتناقلونها ويتبادرونها كما سمعت
والكلام في أسرار بلاغة القرآن ووجوه إعجازه وفي بلاغة كلام النبوة وامتيازه وفي تنافس العرب في ميدان البيان كل ذلك مما لا يحتاج إلى شرح ولا تبيان فهذا كتاب الله ينطق علينا بالحق ويتحدى بإعجازه كافة الخلق
وهذا بحر النبوة يفيض بالدراري واللآلىء ويزخر بالهدايات البالغة والحكم الغوالي
وهذا تاريخ الأدب العربي يسجل لأولئك العرب فوقهم في صناعة الكلام وسبقهم في حلبة الفصاحة كافة الأنام وامتيازهم في تذوق أسرار البلاغة خصوصا بلاغة القرآن
العامل السادس
الترغيب في الإقبال على الكتاب والسنة علما وعملا وحفظا وفهما وتعليما ونشرا وكذلك الترهيب من الإعراض عنهما والإهمال لهما
نقرأ في القرآن الكريم قوله سبحانه إن الذين يتلون كتب الله وأقاموا الصلوة وأنفقوا مما رزقنهم سرا وعلانية يرجون تجرة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور 35 فاطر 29 30