بل فصل بين سورها بسورة قد سمع والممتحنة والمنافقين وبدليل أن طسم الشعراء وطسم القصص لم يتعاقبا مع تماثلهما بل فصل بينهما بسورة أقصر منهما وهي طس
وقد أيد هذا المذهب أبو جعفر النحاس فقال المختار أن تأليف السور على هذا الترتيب من رسول الله لحديث واثلة أعطيت مكان التوراة السبع الطوال
وكذلك انتصر أبو بكر الأنباري لهذا المذهب فقال أنزل الله القرآن إلى سماء الدنيا ثم فرقه في بضع وعشرين سنة فكانت السورة تنزل لأمر يحدث والآية جوابا لمستخبر ويقف جبريل النبي على موضع السورة والآيات والحروف
كله من النبي فمن قدم سورة أو أخرها أفسد نظم القرآن
وأخرج ابن أشته في كتاب المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان بن بلال قال سمعت ربيعة يسأل لم قدمت البقرة وآل عمران وقد أنزل قبلهما بضع وثمانون سورة بمكة وإنما أنزلتا بالمدينة فقال قدمتا وألف القرآن على علم ممن ألفه به
إلى أن قال فهذا مما ينتهى إليه ولا يسأل عنه ا ه
ويمكن مناقشة هذا المذهب أولا بأن الرواية التي ساقوها وأمثالها خاصة بمحالها فلا ينسحب حكم التوقيف على الكل
ثم هي ظنية في إفادة كون الترتيب عن توقيف
ثانيا أن حديث ابن عباس السابق في القول الأول صريح في أن عثمان كان قد اجتهد في ترتيب الأنفال والتوبة ويونس
ثالثا أن الإجماع الذي استندوا إليه لا يدل على توقيف في ترتيب جميع السور لأنه لا يشترط أن يستند الإجماع إلى نص في ترتيب جميع السور فحسب الصحابة أن يحملهم الاجتهاد الموفق على أن يجمعوا على ترتيب عثمان للسور ويتركوا ترتيب مصاحفهم توحيدا لكلمة الأمة وقطعا لعرق النزاع والفتنة إذا ترك كل ورأيه في هذا الترتيب
القول الثالث
أن ترتيب بعض السور كان بتوقيف من النبي وترتيب بعضها الآخر كان باجتهاد من الصحابة وقد ذهب إلى هذا الرأي فطاحل من العلماء
ولعله أمثل الآراء لأنه وردت أحاديث تفيد ترتيب البعض كما مر بك من الرأي الثاني القائل بالتوقيف وخلا البعض الآخر مما يفيد التوقيف
بل وردت آثار تصرح بأن الترتيب في البعض كان عن اجتهاد كالحديث الآنف في القول الأول المروي عن ابن عباس
بيد أن المؤيدين لهذا المذهب اختلفوا في السور التي جاء ترتيبها عن توقيف والسور