ثم إن الحجاج كان عاملا من العمال على بعض أقطار الإسلام فأنى له أن يجمع المصاحف ويحرقها فيما عدا ولايته التي هو عامل عليها
وإذا فرضنا أن الحجاج كان له من القوة والشوكة ما أسكت به كل الأمة في زمانه على هذا الخرق الواسع في الإسلام والقرآن فما الذي أسكت المسلمين بعد انقضاء عهد الحجاج وإذا كان الحجاج قد استطاع التحكم في المصاحف والتلاعب فيها بالزيادة والنقص فكيف استطاع أن يتحكم في قلوب الحفاظ وهم آلاف مؤلفة في ذلك العهد حتى يمحو منها ما شاء ويثبت ما أراد
هذه دعاوى ساقطة تحمل أدلة سقوطها في ألفاظها وتدل على جرأة القوم وإغراقهم في الجهل والضلال
ومن يضلل الله فما له من هاد 13 الرعد 33
نسأل الله السلامة بمنه وكرمه
آمين
الشبهة الثانية
يقولون إن القرآن كما حصل فيه نقص عند الجمع حصلت فيه زيادة
والدليل على ذلك إنكار ابن مسعود أن المعوذتين من القرآن وأن في القرآن ما هو من كلام أبي بكر وكلام عمر
وننقض هذه الشبهة أولا بأن ابن مسعود لم يصح عنه هذا النقل الذي تمسكتم به من إنكاره كون المعوذتين من القرآن
والمسألة مذكورة في كثير من كتب التفسير وعلوم القرآن مع تمحيصها والجواب عليها
وخلاصة ما قالوه أن المسلمين أجمعوا على وجوب تواتر القرآن
ويشكل على هذا ما نقل من إنكار ابن مسعود قرآنية الفاتحة والمعوذتين
بل روي أنه حك من مصحفه المعوذتين زعما منه أنهما ليستا من القرآن
وقد أجابوا عن ذلك بمنع صحة النقل قال النووي في شرح المهذب ما نصه أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد شيئا منها كفر
وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح ا ه
وقال ابن حزم في كتاب القدح المعلى هذا كذب على ابن مسعود وموضوع
بل صح عن ابن مسعود نفسه قراءة عاصم وفيها المعوذتان والفاتحة
وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر أنه قرأهما في الصلاة