وجاء زيد فعرض أبو بكر عليه الفكرة ورغب إليه أن يقوم بتنفيذها فتردد زيد أول الأمر ولكن أبا بكر ما زال به يعالج شكوكه ويبين له وجه المصلحة حتى اطمأن واقتنع بصواب ما ندب إليه وشرع يجمع وأبو بكر وعمر وكبار الصحابة يشرفون عليه ويعاونونه في هذا المشروع الجلل حتى تم لهم ما أرادوا ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكفرون 9 التوبة 32
وفي ذلك يروي البخاري في صحيحه أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة أي عقب استشهاد القراء السبعين في واقعة اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده
قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد أستحر أي اشتد يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن
قلت لعمر كيف نفعل ما لم يفعله رسول الله قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر
قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله فتتبع القرآن فأجمعه
فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر
فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم 9 التوبة 128 حتى خاتمة براءة
فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر ا ه
فهذا الحديث كما ترى يدل على مبلغ اهتمام كبار الصحابة بالمحافظة على القرآن وعلى مبلغ ثقة أبي بكر وعمر بزيد بن ثابت وعلى جدارة زيد بهذه الثقة لتوافر تلك المناقب التي ذكرها فيه أبو بكر
ويؤيد ورعه ودينه وأمانته قوله فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ويشهد بوفرة عقله تردده وتوقفه أول الأمر ومناقشته لأبي بكر حتى راجعه أبو بكر وأقنعه بوجه الصواب
وينطق بدقة تحريه قوله فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ا ه
رضي الله عنه وأرضاه ورضي عنهم وعنا أجمعين
دستور أبي بكر في كتابة الصحف
وانتهج زيد في القرآن طريقة دقيقة محكمة وضعها له أبو بكر وعمر فيها ضمان لحياطة كتاب الله بما يليق به من تثبت بالغ وحذر دقيق وتحريات شاملة فلم يكتف بما