جمع القرآن على عهد أبي بكر رضي الله عنه
ألقت الخلافة قيادها إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد غروب شمس النبوة وواجهت أبا بكر في خلافته هذه أحداث شداد ومشاكل صعاب
منها موقعة اليمامة سنة 12 اثنتي عشرة للهجرة
وفيها دارت رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردة من أتباع مسيلمة الكذاب وكانت معركة حامية الوطيس استشهد فيها كثير من قراء الصحابة وحفظتهم للقرآن ينتهي عددهم إلى السبعين وأنهاه بعضهم إلى خمسمائة من أجلهم سالم مولى أبي حذيفة
ولقد هال ذلك المسلمين وعز الأمر على عمر فدخل على أبي بكر وأخبره الخبر وأقترح عليه أن يجمع القرآن خشية الضياع بموت الحفاظ وقتل القراء
فتردد أبو بكر أول الأمر لأنه كان وقافا عند حدود ما كان عليه الرسول يخاف أن يجره التجديد إلى التبديل أو يسوقه الإنشاء والاختراع إلى الوقوع في مهاوي الخروج والابتداع
ولكنه بعد مفاوضة بينه وبين عمر تجلى له وجه المصلحة فاقتنع بصواب الفكرة وشرح الله لها صدره وعلم أن ذلك الجمع الذي يشير به عمر ما هو إلا وسيلة من أعظم الوسائل النافعة إلى حفظ الكتاب الشريف والمحافظة عليه من الضياع والتحريف وأنه ليس من محدثات الأمور الخارجة ولا من البدع والإضافات الفاسقة
بل هو مستمد من القواعد التي وضعها الرسول بتشريع كتابة القرآن واتخاذ كتاب للوحي وجمع ما كتبوه عنده حتى مات صلوات الله وسلامه عليه
قال الإمام أبو عبد الله المحاسبي في كتاب فهم السنن ما نصه كتابة القرآن ليست بمحدثة فإنه كان يأمر بكتابته ولكنه كان مفرقا في الرقاع والأكتاف والعسب فإنما أمر الصديق بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعا وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله فيها القرآن منتشرا فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء ا ه
تنفيذ أبي بكر للفكرة
اهتم أبو بكر بتحقيق هذه الرغبة ورأى بنور الله أن يندب لتحقيقها رجلا من خيرة رجالات الصحابة هو زيد بن ثابت رضي الله عنه لأنه اجتمع فيه من المواهب ذات الأثر في جمع القرآن ما لم يجتمع في غيره من الرجال إذ كان من حفاظ القرآن ومن كتاب الوحي لرسول الله وشهد العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته
وكان فوق ذلك معروفا بخصوبة عقله وشدة ورعه وعظم أمانته وكمال خلقه واستقامة دينه
فاستشار