أخرج الإمام أحمد والشيخان والترمذي عن ابن عباس قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين 26 الشعراء 214 صعد النبي على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا
فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش فقال أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب تبا لك ألهذا جمعتنا فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن زيد أن امرأة أبي لهب كانت تأتي بأغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق الرسول
وروي عن مجاهد أنها كانت تمشي بالنميمة
فهذه الأسباب مجتمعة تفيد أن السورة نزلت لمقابلة أبي لهب بما يستحق من إنذاره بالهلاك والقطيعة وأن ماله لا ينفعه ولا كسبه وأنه خاسر هو وامرأته وأن مصيرهما إلى النار وبئس القرار
ولا ريب أن في هذا الوعيد العنيف ردعا له ولأمثاله وتسلية لمن أصيب بأذاهم من الرسول وأصحابه
وذلك هو اللائق بالعدالة الإلهية والتربية الحكيمة الربانية
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر كوضع السيف في موضع الندى
وأما سورة والعصر فليس فيها سباب ولا ما يشبه السباب
وكل ما عرضت له أنها جعلت الناس قسمين قسما غريقا في الخسران وقسما فاز ونجا من هذا الخسران وهم الذين جمعوا عناصر السعادة الأربعة
اقرأ قوله سبحانه والعصر إن الإنسن لفي خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصلحت وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر 103 العصر 1 - 3 فهل ترى فيها ظلا للسباب والإقذاع ولكن القوم لا يستحون
وأما سورة ألهكم التكاثر 102 التكاثر 1 فمبلغ ما تشير إليه أن المخاطبين شغلتهم الدنيا عن الدين وألهتهم الأموال عن رب الأموال حتى انتهت أعمارهم وهم على هذه الحال
وغدا يسألون عن هذا النعيم ويعاقبون على إهمال شكره بعذاب الجحيم
وأما قوله سبحانه فصب عليهم ربك سوط عذاب 89 الفجر 13 فهي حكاية لما