وأنشد الرشيد عن المهدي بيتين وقال أظنهما له:
يا نفس خوضي بحار العلم أو غوصي ... فالناس ما بين معموم ومخصوص
لا شيء في هذه الدنيا نحيط به ... إلا إحاطة منقوص بمنقوص
وإذا لم يكن إلى معرفة جميع العلوم سبيل وجب صرف الاهتمام إلى معرفة أهمها والعناية بأولاها وأفضلها. وأولى العلوم وأفضلها علم الدين لأن الناس بمعرفته يرشدون وبجهله يضلون إذ لا يصح أداء عبادة جهل فاعلها صفات أدائها ولم يعلم شروط إجزائها. ولذلك قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فضل العلم خير من فضل العبادة وإنما كان كذلك لأن العلم يبعث على فعل العبادة والعبادة مع خلو فاعلها من العلم بها قد لا تكون عبادة فلزم علم الدين كل مكلف. ولذلك قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وفيه تأويلان: أحدهما علم ما لا يسع جهله من العبادات. والثاني جملة العلم إذا لم يقم بطلبه من فيه كفاية. وإذا كان علم الدين قد أوجب اللّه تعالى فرض بعضه على الأعيان وفرض جميعه على الكفاية كان أولى مما لم يجب فرضه على الأعيان ولا على الكفاية. قال اللّه تعالى: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ
وروى عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل