ركب اللّه الملائكة من عقل بلا شهوة وركب البهائم من شهوة بلا عقل وركب ابن آدم من كليهما فمن غلب عقله على شهوته فهو خير من الملائكة ومن غلبت شهوته على عقله فهو شر من البهائم. وقيل لبعض الحكماء: من أشجع الناس وأحراهم بالظفر في مجاهدته قال: من جاهد الهوى طاعة لربه واحترس في مجاهدته من ورود خواطر الهوى على قلبه. وقال بعض الشعراء:
قد يدرك الحازم ذو الرأي المنى ... بطاعة الحزم وعصيان الهوى
وأما الوجه الثاني فهو أن يخفى الهوى مكره حتى تتموه أفعاله على العقل فيتصور القبيح حسنا والضرر نفعا وهذا يدعو إليه أحد شيئين إما أن يكون للنفس ميل إلى ذلك الشيء فيخفى عنها القبيح لحسن ظنها وتتصوره حسنا لشدة ميلها ولذلك قال النبي صلّى اللّه عليه وسلم؛ حبك الشيء يعمي ويصم أي يعمي عن الرشد ويصم عن الموعظة. وقال علي رضي اللّه عنه: الهوى عمى. قال الشاعر:
حسن في كل عين من تود
وقال عبد اللّه بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه:
ولست براء عيب ذي الود كله ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا