وكن من الناس جميعا وسطا
قالوا: لأن زيادة العقل تفضي بصاحبها إلى الدهاء والمكر وذلك مذموم وصاحبه ملوم وقد أمر عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أبا موسى الأشعري أن يعزل زيادا عن ولايته فقال زياد: يا أمير المؤمنين أعن موجدة أو خيانة فقال لا عن واحدة منهما ولكن خفت أن أحمل على الناس فضل عقلك.
ولأجل هذا المحكي عن عمر ما قيل قديما إفراط العقل مضر بالجسد وقال بعض الحكماء: كفاك من عقلك ما دلك على سبيل رشدك. وقال بعض البلغاء: قليل يكفي خير من كثير يطغى. وقال آخرون وهو أصح القولين:
زيادة العقل فضيلة لأن المكتسب غير محدود وانما تكون زيادة الفضائل المحدودة نقصا مذموما لأن ما جاوز الحد لا يسمى فضيلة كالشجاع اذا زاد على حدّ الشجاعة نسب إلى التهوّر والسخيّ إذا زاد على حدّ السخاء نسب إلى التبذير ولبس كذلك حال العقل المكتسب لأن