قثم بن العباس رضي اللّه عنهما قال: قيل لعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنه كم بين السماء والأرض قال: دعوة مستجابة قيل فكم بين المشرق والمغرب قال: مسيرة يوم للشمس فكان هذا السؤال من سائله إما اختبارا وإما استبصارا فصدر عنه من الجواب ما أسكت. فأما إذا اجتمع هذان الوجهان في العقل المكتسب وهو ما ينميه فرط الذكاء بجودة الحدس وصحة القريحة بحسن البديهة مع ما ينميه الإستعمال بطول التجارب ومرور الزمان بكثرة الاختبار فهو العقل الكامل على الاطلاق في الرجل الفاضل بالاستحقاق. روى أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: أثنى على رجل عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بخير فقال: كيف عقله قالوا يا رسول اللّه: إن من عبادته إن من خلقه إن من فضله إن من أدبه فقال كيف عقله قالوا يا رسول اللّه: نثني عليه بالعبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم: إن الأحمق العابد يصيب بجهله أعظم من فجور الفاجر وإنما يقرب الناس من ربهم بالزلف على قدر عقولهم. واختلف الناس في العقل المكتسب إذا تناهى وزاد هل يكون فضيلة أم لا فقال قوم: لا يكون فضيلة لأن الفضائل هيئات متوسطة بين فضيلتين ناقصتين كما أن الخير متوسط بين زذيلتين فما جاوز التوسط خرج عن حد الفضيلة وقد قالت الحكماء للاسكندر: أيها الملك عليك بالاعتدال في كل الأمور فإن الزيادة عيب والنقصان عجز هذا مع ما وردت به السنة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: خير الأمور أوساطها. وقال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه: خير الأمور النمط الأوسط إليه يرجع العالي وبه يلحق التالي. وقال الشاعر: "