أ لم تر أن العقل زين لأهله ... وأن تمام العقل طول التجارب
وقال آخر:
إذا طال عمر المرء في غير آفة ... أفادت له الأيام في كرها عقلا
وأما الوجه الثاني فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة وذلك جودة الحدس في زمان غير مهمل للحدس فإذا امتزج بالعقل الغريزي صارت نتيجتهما نمو العقل المكتسب كالذي يكون في الأحداث من وفور العقل وجودة الرأي حتى هرم بن قطبة حين تنافر إليه عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة: عليكم بالحديث السن الحديد الذهن ولعل هرما أراد أن يرفعهما عن نفسه فاعتذر بما قال لكن لم ينكرا قوله إذعانا للحق فصارا إلى أبي جهل لحداثة سنه وحدة ذهنه فأبى أن يحكم بينهما فرجعا إلى هرم فحكم بينهما وفيه قال لبيد:
يا هرم ابن الأكرمين منصبا ... إنك قد أوتيت حكما معجبا
وقد قالت العرب: عليكم بمشاورة الشباب فإنهم ينتجون رأيا لم ينله طول القدم ولا استولت عليه رطوبة الهرم. وقد قال الشاعر:
رأيت العقل لم يكن انتهابا ... ولم يقسم على عدد السنينا
ولو أن السنين تقاسمته ... حوى الآباء أنصبة البنينا