فدلت هذه الآية على أمرين أحدهما أن العقل علم والثاني أن محله القلب. وفي قوله تعالى: يعقلون بها تأويلان أحدهما يعلمون بها والثاني يعتبرون بها فهذه جملة القول في العقل الغريزي. وأما العقل المكتسب فهو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة وصحة السياسة وإصابة الفكرة وليس لهذا حد لأنه ينمو إن استعمل وينقص إن أهمل ونماؤه يكون بأحد وجهين إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الأمور ولذلك حمدت العرب آراء الشيوخ حتى قال بعضهم: المشايخ أشجار الوقار ومنابع الأخبار لا يطيش لهم سهم ولا يسقط لهم وهم إن رأوك في قبيح صدوك وإن أبصروك على جميل أمدوك. وقيل: عليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن فقدوا ذكاء الطبع فقد مرت على عيونهم وجوه العبر وتصدت لأسماعهم آثار الغير. وقيل في منثور الحكم: من طال عمره نقصت قوة بدنه وزادت قوة عقله. وقيل فيه: لا تدع الأيام جاهلا إلا أدبته. وقال بعض الحكماء: كفى بالتجارب تأديبا وبتقلب الأيام عظة. وقال بعض البلغاء: التجربة مرآة العقل والغرة ثمرة الجهل. وقال بعض الأدباء. كفى مخبرا
10 أدب الدنيا والدين الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >فدلت هذه الآية على أمرين أحدهما أن العقل علم والثاني أن محله القلب. وفي قوله تعالى: يعقلون بها تأويلان أحدهما يعلمون بها والثاني يعتبرون بها فهذه جملة القول في العقل الغريزي. وأما العقل المكتسب فهو نتيجة العقل الغريزي وهو نهاية المعرفة وصحة السياسة وإصابة الفكرة وليس لهذا حد لأنه ينمو إن استعمل وينقص إن أهمل ونماؤه يكون بأحد وجهين إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الأمور ولذلك حمدت العرب آراء الشيوخ حتى قال بعضهم: المشايخ أشجار الوقار ومنابع الأخبار لا يطيش لهم سهم ولا يسقط لهم وهم إن رأوك في قبيح صدوك وإن أبصروك على جميل أمدوك. وقيل: عليكم بآراء الشيوخ فإنهم إن فقدوا ذكاء الطبع فقد مرت على عيونهم وجوه العبر وتصدت لأسماعهم آثار الغير. وقيل في منثور الحكم: من طال عمره نقصت قوة بدنه وزادت قوة عقله. وقيل فيه: لا تدع الأيام جاهلا إلا أدبته. وقال بعض الحكماء: كفى بالتجارب تأديبا وبتقلب الأيام عظة. وقال بعض البلغاء: التجربة مرآة العقل والغرة ثمرة الجهل. وقال بعض الأدباء. كفى مخبرا