وحكى الأصمعي رحمه اللّه قال: قلت لغلام حدث من أولاد العرب كان يحادثني فأمتعنى بفصاحة وملاحة: أيسرك أن يكون لك مائة ألف درهم وأنت أحمق قال لا واللّه قال: فقلت ولم قال: أخاف أن يجني على حمقي جناية تذهب بمالي ويبقى على حمقي فانظر إلى هذا الصبي كيف استخرج بفرط ذكائه واستنبط بجودة فريحته ما لعله يدق على من هو أكبر منه سنا وأكثر تجربة. وأحسن من هذا الذكاء والفطنة ما حكى ابن قتيبة أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مر بصبيان يلعبون وفيهم عبد اللّه بن الزبير فهربوا منه إلا عبد اللّه فقال له عمر رضي اللّه عنه: ما لك لم لا تهرب مع أصحابك فقال يا أمير المؤمنين: لم أكن على ريبة فأخافك ولم يكن الطريق ضيقا فأوسع لك فانظر ما تضمنه هذا الجواب من الفطنة وقوة المنة وحسن البديهة كيف نفى عنه اللوم وأثبت له الحجة فليس للذكاء غاية ولا لجودة القريحة نهاية. وحكي أن سليمان بن عبد الملك أمر الفرزدق بضرب أعناق "