وينبوع الآداب هو العقل الذي جعله اللّه تعالى للدّين أصلا وللدنيا عمادا فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه وألف به بين خلقه مع اختلاف هممهم ومآربهم وتباين أغراضهم ومقاصدهم وجعل ما تعبدهم به قسمين: قسما وجب بالعقل فوكده الشرع وقسما جاز في العقل فأوجبه الشرع فكان العقل لهما عمادا. وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: ما اكتسب المرء مثل عقل يهدي صاحبه إلى هدى ويرده عن ردى. وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال: لكل شيء دعامة ودعامة عمل المرء فبقدر عقله تكون عبادته لربه أما سمعتم قول الفجار: لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير. وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: أصل الرجل عقله وحسبه دينه ومروءته خلقه. وقال الحسن البصري رحمه اللّه: ما استودع اللّه أحدا عقلا إلا استنقذه به يوما ما. وقال بعض الحكماء: العقل أفضل مرجو والجهل أنكى عدوّ وقال بعض الأدباء: صديق كل امرىء عقله وعدوه جهله. وقال بعض البلغاء: خير المواهب العقل وشر المصائب الجهل. وقال بعض الشعراء وهو إبراهيم ابن حسان: يزين الفتى في الناس صحة عقله ... وإن كان محظورا عليه مكاسبه يشين الفتى في الناس قلة عقله ... وإن كرمت أعراقه ومناسبه يعيش الفتى في الناس بالعقل إنه ... على العقل يجري علمه وتجاربه وأفضل قسم اللّه للمرء عقله ... فليس من الأشياء شيء يقاربه