اذا لم يذاكر ذو العلم بعلمه ... ولم يستفد علما نسي ما تعلما
فكم جامع للكتب من كل مذهب ... يزيد مع الأيام في جمعه عمى
وان لم يفهم معاني ما سمع كشف عن السبب المانع منها ليعلم العلة في تعذر فهمها فانه بمعرفة أسباب الأشياء وعللها يصل الى تلافي ما شذ وصلاح ما فسد. وليس يخلو السبب المانع من ذلك من ثلاثة أقسام إما أن يكون لعلة في الكلام المترجم وإما أن يكون لعلة في المعنى المستودع وإما أن يكون لعلة في السامع المستخرج. فان كان السبب المانع من فهمها لعلة في الكلام المترجم عنها لم يخل ذلك من ثلاثة أحوال: أحدها أن يكون لتقصير اللفظ عن المعنى فيصير تقصير اللفظ عن ذلك المعنى سببا مانعا من فهم ذلك المعنى وهذا يكون من أحد وجهين: إما من حصر المتكلم وعيه وإما من بلادته وقلة فهمه. والحال الثانية أن يكون لزيادة اللفظ على المعنى فتصير الزيادة علة مانعة من فهم المقصود منه وهذا قد يكون من أحد وجهين: إما من هذر المتكلم وإكثاره وإما لسوء ظنه بفهم سامعه. والحال الثالثة أن يكون لمواضعة يقصدها المتكلم بكلامه فاذا لم يعرفها السامع لم يفهم معانيها. فأما تقصير اللفظ وزيادته فمن الأسباب الخاصة دون العامة لأنك لست تجد ذلك عاما في كل كلام وانما تجده في بعضه فإن عدلت عن الكلام المقصر إلى الكلام المستوفى وعن الزائد إلى الكافي أرحت نفسك من تكلف ما يكدر خاطرك وإن أقمت على استخراجه إما لضرورة دعتك إليه عند إعواز غيره أو لحمية داخلتك