(فصل) واعلم أن للعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها ومداخل تفضي إلى حقائقها فليبتدىء طالب العلم بأوائلها لينتهي إلى أواخرها وبمداخلها ليفضي إلى حقائقها ولا يطلب الآخر قبل الأول ولا الحقيقة قبل المدخل فلا يدرك الآخر ولا يعرف الحقيقة لأن البناء على غير أس لا يبنى الثمر من غير غرس لا يجنى ولذلك أسباب فاسدة ودواع واهية. فمنها أن يكون في النفس أغراض تختص بنوع من العلم فيدعوه الغرض إلى قصد ذلك النوع ويعدل عن مقدماته كرجل يؤثر القضاء ويتصدى للحكم فيقصد من علم الفقه إلى أدب القاضي وما يتعلق به من الدعوى والبينات. أو يجب الاتسام بالشهادة فيتعلم كتاب الشهادات لئلا يصير موسوما بجل ما يعاني فإذا أدرك ذلك ظن أنه قد حاز من العلم جمهوره وأدرك منه مشهوره ولم ير ما بقي إلا غامضا طلبه عناء وعويصا استخراجه فناء لقصور همته على ما
53 أدب الدنيا والدين الصفحة
فبراير 17, 2021
الرئيسية >(فصل) واعلم أن للعلوم أوائل تؤدي إلى أواخرها ومداخل تفضي إلى حقائقها فليبتدىء طالب العلم بأوائلها لينتهي إلى أواخرها وبمداخلها ليفضي إلى حقائقها ولا يطلب الآخر قبل الأول ولا الحقيقة قبل المدخل فلا يدرك الآخر ولا يعرف الحقيقة لأن البناء على غير أس لا يبنى الثمر من غير غرس لا يجنى ولذلك أسباب فاسدة ودواع واهية. فمنها أن يكون في النفس أغراض تختص بنوع من العلم فيدعوه الغرض إلى قصد ذلك النوع ويعدل عن مقدماته كرجل يؤثر القضاء ويتصدى للحكم فيقصد من علم الفقه إلى أدب القاضي وما يتعلق به من الدعوى والبينات. أو يجب الاتسام بالشهادة فيتعلم كتاب الشهادات لئلا يصير موسوما بجل ما يعاني فإذا أدرك ذلك ظن أنه قد حاز من العلم جمهوره وأدرك منه مشهوره ولم ير ما بقي إلا غامضا طلبه عناء وعويصا استخراجه فناء لقصور همته على ما