سلبوه فضيلة علمه ووسموه بقبيح تبذله فلم يف ما أعطاه العلم بما سلبه التبذل لأن القبيح آنم من الجميل والرذيلة أشهر من الفضيلة إذ الناس لما في طبائعهم البغضة والحسد ونزاع المنافسة تنصرف عيونهم عن المحاسن إلى المساوىء فلا ينصفون محسنا ولا يحابون مسيئا لا سيما من كان بالعلم موسوما وإليه منسوبا فإن زلته لا تقال وهفوته لا تعذر إما لقبح أثرها واغترار كثير من الناس بها. وقد قيل في منثور الحكم: زلة العالم كالسفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير. وقيل لعيسى بن مريم عليه السلام: من أشد الناس فتنة قال زلة العالم إذا زل هلك بزلته عالم كثير فهذا وجه وإما لأن الجهال بذمه أغرى وعلى تنقيصه أجرا ليسلبوه فضيلة التقدم ويمنعوه مباينة التخصيص عنادا لما جهلوه ومقتا لما باينوه لأن الجاهل يرى العلم تكلفا ولؤما كما أن العالم يرى الجهل تخلفا وذما. وأنشدت عن الربيع للشافعي رضي اللّه عنه: ومنزلة السفيه من الفقيه ... كمنزلة الفقيه من السفيه فهذا زاهد في قرب هذا ... وهذا فيه أزهد منه فيه إذا غلب الشقاء على سفيه ... تنطع في مخالفة الفقيه وقال يحيى بن خالد لابنه: عليك بكل نوع من العلم فخذ منه فإن