أهوى هوى الدين واللذات تعجبني ... فكيف لي بهوى اللذات والدين؟
فقالت؛ هما ضرتان فذر أيهما شئت وخذ الأخرى. فأما فرق ما بين الهوى والشهوة مع اجتماعهما في العلة والمعلول واتفاقهما في الدلالة والمدلول فهو أن الهوى مختص بالآراء والاعتقادات والشهوة مختصة بنيل المستلذات فصارت الشهوة من نتائج الهوى وهي أخص والهوى أصل هو أعم. ونحن نسأل اللّه أن يكفينا دواعي الهوى ويصرف عنا سبل الردى ويجعل التوفيق لنا قائدا والعقل لنا مرشدا. فقد روي أن اللّه تعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني. وقال محمد بن كناسة:
ما من روى أدبا ولم يعمل به ... ويكف عن زيغ الهوى بأديب
حتى يكون بما تعلم عاملا ... من صالح فيكون غير معيب
ولقلما تغنى إصابة قائل ... أفعاله أفعال غير مصيب
وقال آخر:
يأيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى ... كيما يصح به وأنت سقيم
إبدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم