ترق إلى صغير الأمر حتى ... يرقيك الصغير إلى الكبير
فتعرف بالتفكر في صغير ... كبيرا بعد معرفة الصغير
ولهذا المعنى وأشباهه كان التعلم في الصغر أحمد. روى مروان بن سالم عن إسمعيل بن أبي الدرداء قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «مثل الذي يتعلم في صغره كالنقش على الصخر والذي يتعلم في كبره كالذي يكتب على الماء».
وقال علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه: قلب الحدث كالأرضي الخالية ما ألقى فيها من شيء قبلته. وإنما كان ذلك لأن الصغير أفرغ قلبا وأقل شغلا وأيسر تبذلا وأكثر تواضعا.
وقد قيل في منثور الحكم: المتواضع من طلاب العلم أكثرهم علما كما ان المكان المنخفض أكثر البقاع ماء فأما أن يكون الصغير أضبط من الكبير اذا عرى من هذه الموانع وأوعى منه اذا خلا من هذه القواطع فلا. حكي أن الأحنف بن قيس سمع رجلا يقول: التعلم في الصغر كالنقش على الحجر فقال الأحنف: الكبير أكثر عقلا ولكنه أشغل قلبا ولعمري لقد فحص الأحنف عن المعنى وبينه ونبه على العلة لأن قواطع الكبير كثيرة. فمنها ما ذكرنا من الاستحياء. وقد قيل في منثور الحكم: من رق وجهه رق علمه.