وبالمثل كلمات :
الحمد / لله / رب / العالمين / سبحان الله / الله أكبر
فإنه من المحقق والمؤكد أن الذين تطرق أسماعهم هذه الكلمات يتفاوتون تفاوتا كبيرا في فهمها ووقعها في أنفسهم وتفاعل قلوبهم معها.
لماذا بعض الناس حين يسمع كلمة تولد عنده الرعب أو الحزن أو الفرح أو النشاط أو تصنع الابتسامة على شفتيه، بينما لا يحدث هذا الأثر عند آخر مجاور له في المجلس؟
لماذا بعض الناس يسمع آيات القرآن فتسري الكهرباء في جسمه ويحصل له التأثر العظيم ويبكي وآخر بجواره يسمع الآيات نفسها لا تحرك له ساكنا ؟
هذا هو السؤال الكبير الذي نبحث عن جوابه ومتى وجدناه وفهمناه أمكننا بإذن الله تعالى النجاح في صناعة الإنسان .
هذا هو مدار التربية وعلم النفس فمتى وقفنا على هذا السر أمكننا بإذن الله تعالى فهم تركيبة الإنسان وتفسير سلوكه وبالتالي علاج مشكلاته بل صناعته صناعة صحيحة.
العالم اليوم بأمس الحاجة إلى إتقان صناعة الإنسان، وأقرب طريق إلى تحقيق هذا الأمر هو الحفظ التربوي للقرآن والسنة، فهو الطريق إلى صناعة الإنسان وتشكيله وصياغته وتغييره .
إن الألفاظ يحصل لها تشويه أو تفريغ، فالتفريغ أن تفقد معناها فيسمعها السامع ولا تعني له أي شيء وأما التشويه فقد يكون بتغيير معناها والتلاعب بدلالاتها.
نجد النبي صلى الله عليه وسلم حين وصف الخوارج ذكر اجتهادهم في الصيام والصلاة ولما جاء للأمر المهم الذي عليه مدار صناعة الإنسان وهو صناعة الكلمات أكد فشلهم فيه فقال: (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ) وفي لفظ حناجرهم، أي قد اقتصروا على الحفظ اللفظي للقرآن دون الحفظ التربوي .