إننا نرى في الواقع الأثر القوي الذي يحدثه المعلم أو الخطيب أو المحامي أو المستشار ، فما الذي يفعله هؤلاء؟ وكيف يحدثون هذا الأثر؟ إنها الثروة اللغوية الحية التي تعبر عما في النفس وتصف الواقع بكل دقة وتجسده تجسيدا عميقا وتقف على أبعاد وخفايا الموضوع المطروح، تجد خطيبا يقف فيهز الجماهير ويلهب المشاعر والأحاسيس ويغير آراءها ومعتقداتها ،بينما يقف خطيب آخر فلا يستطيع الوصول إلى ما وصل إليه الأول ، ما الفرق ولماذا ؟ (1) الفرق في الروح التي تسري من المتكلم إلى المستمع فتبعث في كلماته الحياة ومن أجل ذلك كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن تحدث الأثر العظيم حتى في نفوس الكفار مما يجبرهم على الاعتراف بهذا الأثر ، ولهذا السبب فإن الناس يختلف تأثيرهم بالقرآن قراءة وتربية ووعظا ورقية ، فمنهم قوي التأثير ومنهم دون ذلك، ومرجع ذلك كله إلى مقدار حياة مفردات القرآن في نفس القارئ .
__________
(1) يتردد في أوساط الدورات نظرية نقلها البعض من الغرب مفادها : أنه في كل اتصال فإن نسبة أثر الكلمات: سبعة بالمائة ، ونبرة الصوت: ثمان وثلاثين بالمائة ، ولغة الجسد: خمس وخمسين بالمائة وهذا غير صحيح بل مدار الأمر على حياة الكلمات في نفس المتحدث، وحياة الكلمات هي التي تصنع نبرة الصوت وهي التي تصنع لغة الجسد ، أما من يتكلف نبرة الصوت ولغة الجسد دون حياة الكلمات فلن يجد من الجمهور إنصاتا وقبولا مهما فعل