إن حفظ المتون هي القاسم المشترك بين كل الناجحين في كل الفنون، فهل رأيت أديبا لا يحفظ كما كثيرا من الشعر؟ وهل رأيت عالم رياضيات لا يحفظ جداولها وفرضياتها ونظرياتها ، وهل رأيت عالم نفس لا يحفظ أسماء مدارسها وروادها ومناهجها ونظرياتها وفلسفتها....الخ
إن تربية الإنسان وصناعته باختصار تقوم على تخزين المعلومات أي الأفكار والمعتقدات الصحيحة تخزينا قويا راسخا ثم توضيحها وشرح كيفية تطبيقها ، ثم التدريب عليها حتى تثبت.
فأولا يأتي حفظ الألفاظ ثم يأتي شرحها وتوضيحها وبيان صلتها بالحياة ثم تأتي التربية والتعويد على تطبيقها خطوات ثلاث تتزامن باستمرار .
أما من يخلط هذا الترتيب فيخلط بين الحفظ والفهم فقد وضع الأمور في غير مواضعها.
الحفظ في الصغر والفهم في الكبر ، فإذا شددنا على الصغير ليفهم ضاع علينا الوقت الثمين للحفظ ، وإذا أردنا بناء الكبير وتفهيمه دون حفظ لم نجد الأساس الذي نبني عليه فنكون بهذا الخلط أضعنا فترة البناء وهي العشر السنوات الزهر من حياة الإنسان أي من الخامسة حتى الخامسة عشرة، فالخمس الأولى منها للحفظ والخمس الثانية للفهم المبدئي ثم الخمس التي تليها للفهم الأعمق وهكذا يتعمق الفهم مرحلة بعد مرحلة في خطط خمسية متتالية قوامها وأساسها الخطة الخمسية الأولى.