توضح هذه الآية العلاقة القوية بين صناعة الإنسان وبين الشيطان ، فالله سبحانه وتعالى حين أهبط آدم إلى الأرض أهبط معه الشيطان وحكم بالعداوة والصراع بينهما، وعليه فإن أي محاولة من الإنسان للبناء والتغيير للأفضل والأعلى والأكمل فإن الشيطان يحاول بجهده الضعيف ردها ومنعها لأنه قد قطع على نفسه العهد بذلك.
ومدار الصراع بين الإنسان والشيطان هو الهدى الذي وعد الله تعالى من تمسك به أنه لا يضل ولا يشقى ، فالقرآن الكريم هو محل النزاع والصراع بين الإنسان والشيطان ، الإنسان يحاول التمسك به والشيطان يحاول صده عنه ، لذلك تشتد عداوة الشيطان ويتضاعف جهده ونشاطه حين يرى هذا الإنسان قد اتجه إلى القرآن لأنه يعلم أنه إن أفلت منه في هذه الجبهة يكون قد انتصر عليه وتحصن من كيده وعداوته وقد يحاول الشيطان في هذه الحالة أن يغريه بشتى أنواع النجاحات بمناهج وطرق وأساليب تحقق له ما يريد من أمنيات في هذه الحياة لكن من غير طريق القرآن فإن تفطن الإنسان لهذه الحيلة سلم من كيده وشره ،وإن لم يتفطن انتصر عليه الشيطان في هذا الميدان وصرفه عن القرآن ومضت حياته بعيدا عن النجاح بالقرآن.
إن التربية بالقرآن سهلة ميسرة كما قال الله تعالى : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } [ سورة القمر - الآية : 17 ] وربما صعبت على البعض ابتلاء واختبارا لتمحيص الصادق من الكاذب ، ولعل البعض يجد سهولة في بعض الطرق وبعض المناهج فيظن النجاح فيها ويترك ما هو أعلى منها وأرفع، لكن من يتدبر آيات القرآن الكريم لا يخفى عليه هذا الأمر ولا يرده عن الاستمرار في السير إلى أن يحصل على ما يريد من النجاح والتفوق والقوة والتطوير.