كم نص تقرؤه أو تسمعه فتفهم منه عددا من المعاني المؤثرة ثم لا تلبث الأيام أن تمضي فتعود إلى ذلك النص فلا تفهم منه أي شيء مما سبق، فما الذي حدث؟ الذي حدث أن النص قد مات لخروج الروح منه ، والروح هي المعنى ، والمعنى شيء لا نراه ولا نلمسه إنما نصل إليه من خلال اللفظ حين تقترن به الروح ، تماما مثل روح الإنسان لا يمكن أن نلمسها أو نراها لكن نتواصل معها من خلال الجسد .
يقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [سورة الأنفال - الآية : 24]
ما أعجب هذه الآية وما أدق دلالتها على هذه المسالة التي نحن بصدد الحديث عنها.
ما هو الذي يحيينا ؟
إنه كلمات القرآن الكريم، فالذي يحيينا هو هذه الكلمات هذه المفردات لكن ليس بألفاظها وحروفها فحسب بل هناك ما وراء الألفاظ وهو روحها أي المعاني التي تفيض بها ، ولهذا فإن الله يحذر عباده من سلب الروح من تلك الألفاظ فيحول بين المرء وقلبه، اللفظ أمامه لكنه لا يحرك فيه ساكنا بينما شخص آخر بجواره يسمع ذات الألفاظ فتسري القشعريرة في بدنه وتفيض عينه بالدمع.
إن روح الألفاظ بيد الله تعالى يرسلها متى شاء ويمسكها متى شاء بحكمته وتدبيره
هل لتحصيل هذه الروح وهذه الحياة أسباب ؟
الجواب: الطريق إلى تحصيل حياة النصوص هو الحفظ التربوي بأركانه الثلاثة .
ولا يفهم أحد مما سبق أني أدعو إلى تفكيك الجمل والتعامل مع الكلمات منفصلات ؟ هذا غير صحيح ، لكن بقدر قوة اللبنات التي تشكل البناء تكون قوته.