قال الله تعالى : { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } [سورة الفرقان - الآية : 32]
في هذه الآية سؤال عن هدف التمهل في إنزال القرآن وتفريقه على سنوات حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها طيلة ثلاث وعشرين سنة وكان سبحانه وتعالى قادرا أن ينزل القرآن الكريم جملة ، ينزله كله في ليلة واحدة ، فيأتي الجواب الذي يعتبر منهجا لكل مسلم في هذه الحياة إنه : {لنثبت به فؤادك}، وتثبيت الفؤاد يعني قوة القلب وصحة النفس التي هي شرط لتحقيق النجاح في جميع مجالات الحياة ، ومثل هذا البناء التربوي لا يتناسب معه العجلة بل يحتاج إلى التدرج والتمهل، لأن بناء النفوس يختلف عن بناء أي شيء في هذه الحياة يحتاج إلى قاعدة : { ورتلناه ترتيلا } ، فثبات اللفظ ورسوخ المعنى الذي يسهل ربط العلم بالعمل وتكوين المهارات التربوية يحتاج إلى ترتيل أي تمهل وطول نفس وصبر وأناة أما الاستعجال فلا يبني الرجال .
فمن أجل ذلك كان نزول القرآن منجما على الأيام والسنين تربية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه حالا بعد حال وسنة بعد سنة ، وهو منهج لتربية الناس في كل العصور
فهذا سر عظيم من أسرار التربية بالقرآن الكريم فمن أراد أن يحصل على طمأنينة القلب وسكينة النفس وثبات الفؤاد فعليه بحفظ القرآن رويدا ومهلا وتؤدة وسكينة وليحذر من العجلة .